بركان الــ حرية





يسقط، ارحل، تغيير، حرية، ديمقراطية
تلك هي مطر الكلمات المتداولة هذه الأيام على لسان العالم أجمع، وبخاصة في معظم الدول العربية. وقد بدأت أول شرارة لهذهـ الكلمات على أرض تونس وامتدت إلى كافة الدول العربية انتهاء بعمان مؤخرا. تلك الشرارة الأولى في تونس لم تكن كأي شرارة عادية على مر التاريخ، لقد كانت شرارة فيروسية لامثيل لها على الإطلاق مست فتيلا ممتد من أقصى الغرب إلى الشرق ومن أقصى الجنوب إلى الشمال. إنها شرارة (البوعزيزي رحمة الله )، ولم يكن البوعزيزي يعلم أنه عندما أشعل في نفسه النار سخطا ً -ونداء لرفع الظلم- كان كعود الثقاب الذي سقط على طرف ذلك الفـتيل فما زال ذلك الفتيل يشتعل ويفجر الغضب هنا وهناك ويكتب التغيير الجذري لكل شيء .. نعم لكل شيء رغما عن أنوف من لم يقبلوهـ أو يرضوا به، أيا ترى هل هي روح البوعزيزي الغاضبة تطوف الأرجاء؟
وتتسارع الأحداث يوما بعد يوم ليكتب نصرٌ تاريخي هنا (لـ شعب غاضب) ويكتب القهر والذل هناك (لحاكم عنيــدٍ أو هارب)، بعد صرخات شعبية مخيفة مدوية لم يشهدها العالم من قبل، صرخات تنادي بالحرية، بالعدل، بالمساواهـ، برفع الظلم والقهر، صرخات مكبوته بعضها دام 30 سنه والبعض الآخر دام أكثر من 40 سنه. تلك الصرخات أيقضت الحيارى والسكارى، وأخرجت البائسين المستضعفين من سجون قلوبهم ومكـّـــنتهم من قول ونصرة الحق، وهزت عرش المستكبرين الظالمين الآمنين لمكر الله فحق فيهم (أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون) الآية.
تلك الشعوب الثـائرة إنما ثارت لذلها وظلمها وقهرها الذي لم يحسب له فاعلة أي حساب ونسي القاعدة الكونية (أن الضغط يولد الإنفجار) فأضحى غارقا في متعته وشهواته ولذاته فوق القمة غير مبال ٍ بمن هم تحته القادرين على دك أساسات القمة المتربع عليها واسقاطه، وذلك ماحصل بالفعل تحت شعار (الشعب يريد اسقاط النظام)ا
في تأملي لما يحدث ولما ذكر في القرآن الكريم، أجد أن الأمر جلي وواضح جدا، فما يحدث الآن هو نتاج لممارسة الظلم والقهر (فرعون) أو الإهمال للرعية والإنشغال باللذات والشهوات (هامان). و قد نبه المولى عز وجل لذلك في ذكرهـ لقصة فرعون وهامان أن مصير السلاطين الذي تمردوا وطغوا وبغوا على شعبهم هو الذل والحسرة والهوان. قال تعالى:
(إن فروعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبنائهم ويستحيي نسائهم إنه كان من المفسدين) الآية.
لتأتي بعد ذلك آية مطمئنة للمستضعفين المظلومين:
(ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون) الآية.
مايحدث الآن ضد أي سلطان هو نتاج ماكسبت يداهـ (وماظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون)، وما ظني أن سلطانا عادلا ينشر الخير ويحب شعبه ويحرص كل الحرص عليهم قد يكون له نهاية ذل وهوان كما نراهـ الآن في حق بعض السلاطين. !!
إن مايحدث الآن هو بركان مدوي للحرية، تجاه كل الحكام أن اهتموا بشعوبكم أولا بأول، بمطعهم بمشربهم، بتأمين لقمة العيش الشريفة والعادلة لهم، بالتواصل معهم وبذل الغالي والنفيس في سبيل راحتهم، كونوا فقط كالآباء لأبنائهم ولن يضيع ذلك فكله سينعكس على حب ووفاء كبير لكم، وستمشون مطمأنين على الأرض، وستنامون هانئين قريري العين لأنه لن يوجد أحد يحمل شعارا أو يهتف بـ : الشعب يريد اسقاط النظام، وإن وجد فإن أحدا ً من أبنائكم سيأتي ليحرقه.

width='450'/>

0 التعليقات: